مختارات
الرئيسية / وجهات نظر / مقياس البشر ولماذا هم في حياتنا ؟ .. بقلم د : وليد سمير

مقياس البشر ولماذا هم في حياتنا ؟ .. بقلم د : وليد سمير

انتبهت فى عطلة نهاية الأسبوع  وأنا أقود سيارتي فى اتجاهي لأحد الشواطيء هربا من حرارة الجو إلى واحدة من القواعد الأخلاقية والنفسية العامة التي يشترك فيها معظم الناس :

إذا أبطأت سيارة أمامي ..

قلت: يا لهذا السائق الغير كفء وتخيلت فورآ أنه بدون خبرة!

وإذا تجاوزتني سيارة مسرعة .. 

قلت: يا له من سائق متهور وتخيلت ما مدى الخطر الذي من الممكن أن يضع نفسه فيه!

وأستطيع أن أوءكد أننا نعتبر أنفسنا “النموذج القياسي” الذي يُقاس عليه سائر الناس، فمن زاد علينا فهو من أهل الإفراط ومن نقص عنا فهو من أهل التفريط.

ومَن يملك جرأتنا في مواقف الخطر فهو عاقل شجاع ، فإذا زاد فهو متهور وإذا نقص فهو جبان ، وإذا وجدنا من ينفق إنفاقنا فهو معتدل كريم ، فإذا زاد فهو مسرف وإذا نقص فهو بخيل. 

ولا نكتفي جميعا بهذا المنهج في حكمنا على أمور الدنيا بل نوسعه حتى يشمل أمور الدين ، فمَن عبد عبادتنا فهو من أهل التقوى والإيمان ، ومن كان دونها فهو مقصر .

وبما أننا جميعاً نرتفع وننخفض ونتقدم ونتأخر ونتغير بين وقت ووقت وبين زمن وزمن ، فإن هذا المقياس يتغير باستمرار.

ربما مَرّ علينا زمان نصلي فيه الصلاة مع الجماعة ثم نقوم فنمشي دون أن نصلي السنّة ، فنحس -في قرارة أنفسنا- بالأسف على مَن يفوّت الجماعة ونراه مقصراً ، لكننا لا نرى أي بأس في الذين يقتصرون على الرواتب دون النوافل .

احيانا يضع الله في طريقك اشخاص تبتلى بهم فتأكد تماما ان سبب وجودهم هو حتى تصلح ما بداخلك .. نعمل مع شخص عصبي فنتعلم الصبر او شخص اناني فنتعلم الحكمه ولكن يجب علينا أن نكون على يقين بأن الله سبحانه يعالجنا جميعا من خلال الاشخاص والمواقف المزعجه … فلننظر لكل شخص من الذين يدخلون فى حياتنا كأنه الخضر بالنسبه لموسى عليهم السلام ولنقل بداخلنا ماذا سوف نتعلم من وجود هذا الشخص او ماهي الرساله التي ستصلني من مرور هذا الانسان بحياتي .. 

فاذا كان الناس كلهم مثاليين فكيف سنتعلم الصبر والحكمه والتسامح  في التعامل .. لو رأينا ما يزعجنا بهم من البداية لكنا ابتعدنا فورآ عنهم ورفضنا صحبتهم  ، فمثلا اذا صادفت شخص سريع الزعل يجعلك تنتبه لكلامك وتختار الفاظك قبل التلفظ بها  وهذا شيء جيد ، ومن الممكن أن تكون تلك الفضيله لم تكن لديك من قبل  ..غالبنا قلوبهم ضيقه بمعني لانُدخل قلوبنا الا اشخاص بصفات محدده مسبقا والله يريد ان يوسع قلوبنا ويكون مصدر حب لكل الناس وتقبل لهم .. ولنتأكد بأن كل شخص مختلف عنا ما هو إلا دواء لنا نحتاجه برحلة علاج .. فالله سبحانه وتعالى قادر ان يحيطنا بأناس تشابههنا تماما ولكن من المؤكد أن هذا ليس فى صالحنا… 

جاهد نفسك ضد اصدار الاحكام على الناس جاهد نفسك ضد سوء الظن .. جاهد نفسك ضد الغيره ..مع كل شخص مختلف عنك افهم غضبك .. كن صادقا مع نفسك واسألها ماهو السبب الحقيقي لغضبك ؟؟؟ لاتكسر المحبه لاتتسبب بألم للاخر سواء بالتجريح بالكلام او الاساءه و القسوه بالتصرفات وحكّم عقلك  .. ضع نفسك بموقع الاخر ..كم موقف حصل لك واول من وقف بجانبك اشخاص لم تتوقعهم  !!! وكم موقف اول من خذلك به اقربهم الى قلبك !!!!

إياك أن تظن أن مقياس الصواب في الدنيا ومقياس الصلاح في الدين هو الحالة التي أنت عليها والتي أنت راض عنها ، فرُبّ وقت مضى رضيتَ فيه من نفسك ما لا ترضاه اليوم من غيرك من الناس .. 

وأختتم هنا بما روى عن الإمام مالك في الموطأ أنه كان يقول:

” لا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب .. وانظروا إلى ذنوبكم كأنكم عبيد .. فارحموا أهل البلاء .. و احمدوا الله على العافية .. وإياكم أن تقولوا : هذا من أهل النار .. وهذا من أهل الجنة “

فالله عز وجل هو الغفور الرحيم ….

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.