مختارات
الرئيسية / ثقافة و أدب / انصت إلى الكون .. بقلم : د ماجدة عبدالعزيز

انصت إلى الكون .. بقلم : د ماجدة عبدالعزيز

انصت إلي الكون واحبه وتأمله ستجد نفسك تحب الطيور والعصافير والكائنات والشجر والبحر وهم أيضا سيبادلونك الحب ، منذ أسبوعين تقريبا وأنا أتابع من شرفتي عصفورين علي النافذة المجاورة لشرفتي لأحد الوحدات المقفلة والمتروكة منذ فترة طويلة ،، وأصحابها ربما في سفر طويل أو يعيشون في محافظة أخري غير الاسكندرية ، ولاحظت أن العصافير والطيور لا تبني أعشاشها إلا في أماكن تثق أنها آمنة من أن يصل إليها يد أحد ،،كانت الشرفة تبعد مترين عن شرفتي ولكنهم لم يفكروا في بناء عشهم في شرفتي كنت الاحظهم وهم علي مايبدو بالتأكيد ذكر وأنثي كلما حصلوا علي عود من القش في أفواههم يأتون سعداء أعرف سعادتهم من ذلك الصوت الذي يغردون به وهم راجعين بقطعة من الأثاث صوت فرح من العصفور ومن حليفته التي تنتظره كان منظرا عجيبا ومبهجا بالنسبة لي ،حدث أنني غبت عن هذا البيت لسنوات طويلة وعندما عدت وفتحت شباك المطبخ وجدت عش أحد العصافير ، وتأملته كيف لهذا الكائن الضئيل أن يصنع بناية بكل هذا التماسك والبناء الهندسي الدقيق والمتين ، كان أحد الطيور يقف علي أحد مواسير المياه يتطلع إلي العش بحزن وعندما نظرت إلي عينيه وجدت نظره كأنه يرجوني ألا أؤذيه او أدمره فلقد كانت فيه بيضتين، شعرت أنه ربما يلوم نفسه علي أنه بني العش في هذا المكان الغير أمن اقفلت النافذة حتي لا أوذي العش أو البيض ،، ولكني عندما حضرت مرة أخري بعد شهور لم أجد العش ذكرني ذلك بأحد الطيور المغردة وتقريبا كان صديقي وأنيسي لسنوات وكانت ساعتها الوحدة وأن تقفل باب غرفتك عليك هي الملاذ لكي تنأي بنفسك عن الجلبة والضوضاء والغوغاء الموجودة في الشقه فلقد كنت اتشارك السكن مع بعض التمريض والموظفات عندما ذهبت للعمل في أحد بلاد الخليج ،، ولأنني امرأة وطبيبة بلا زوج وضعت في سكن مشترك مع بعض الموظفات ولمن لايعرفون المناطق النائية في دول الخليج أو حتي غيرها يعرف من هم زملاء الغربة المجموعون من البلاد المختلفة ،الحقد والتسلق ومحاولة نبش حياتك واسرارك لتصبح مادة للحديث والمنميمة في ذلك المجتمع المظلم المغلق ، أن تغلق بابك دونهم وأن تكون بمفردك بعد يوم عمل شاق هو أفضل قرار يمكن أن تتخذه حتي تريح أعصابك ،كانت مؤنستي في وحدتي هي الست ثومه وفيروز ،، أو اقرأ كتابا ،ثم تسلل إلي أذني صوت جميل لطائر ، ثم صار يغرد أغلب الوقت فكنت أستمع إليه أغلب الوقت وأنا اقرأ كتاب اغناني أن استمع إلي أحد آخر غيره ، حتي أنني كنت أوقف الأغاني لاستمع إليه فقط ، تعودته ثم كأنه بدأ يشعر أنني اهتم به بمجرد عودتي إلي الغرفة يبدأ في التغريد كأنه يقول لي أنا هنا أؤنسك ،، كان بعيدا علي الشجر لا استطيع أن اميزه من بين الطيور التي تقف علي الأشجار فلقد كانت نافذة غرفتي تطل علي حديقة بها أشجار كبيرة عالية كثيرة ،حاولت أن أخرج رأسي من النافذة الحديدية حتي أعرف أين يقف هذا الطائر ذو الصوت الساحر ، وكان كل مدي يجود في تغريده فيصبح أجمل وأجمل ،، ولكني لم استطع أن اميزه من بين الأشجار ،ثم كففت عن البحث عنه بل كنت استدعيه إذا تأخر صوته بعد عودتي إلي الغرفة ،، فاسأله في سري أين أنت وأحيانا اناديه بصوت عالي وفي أحد الأيام عدت إلىلي الغرفة ، وتأخر صوته وصرت أردد بصوت عال كأني أحدثه أين أنت لم تأخرت اليوم “أنت بتعط فين يا عطاط” ولم تمضي دقائق حتي بدأ يغرد كأنه يجاوب سؤالي عنه وكأنه شعر أنه ونيسي وأنني افتقده ، وذات يوم وجدته يتعلق بقدميه الصغيرتين بحديد النافذة ينظر لي بعينين كأنه يعرفني ثم اصبح هذا مكانه عندما أعود وافتح النافذة ، يترك غصن الشجرة ويأتي ليعلق بحديد النافذة ينظر لي أغلب الوقت وعندما ألهو عنه بكتاب يغرد كأنه يسليني ،، بدأت أبحث له عن حب لاطعمه ووضعت له إناء ماء صغير وآخر للحب ،، كنت أتحدث له كأنه شخص واعي يفهمني أحدثه عن النبطشية كيف كانت مرهقه ، عن الحالات الصعبة ، أو الغبيه التي رأيتها وحتي عن زميلات العمل سهير المنوفية الأنانية الوقاعه ناقلة الكلام ولا فوزية الفلاحة المفترية التي تتكلم وفهما مملوء بالطعام فيتناثر رذاذه النتن في وجهك ،، كانت رائحه فهمها كريهة حتي أنني اجزم أنها لاتعرف شئ اسمه فرشاة الاسنان والمعجون،، ولا منال البور سعيدية اللي تكبك زي طبق الملوخية إذا ماخلصت حاجتها منك ، كنت أسأله أيضا كيف كان يومه هل وجد عصفورة جميلة مثله ومتي سيبني العش ،، واحذره حتي لا يخيب أمله وتخرب حياته مثلي عندما اختار الشريك الخطأ كان من النوع الملون جميل الريش ،، أبدا لم احاول الامساك به أو أخافته أحيانا أعود متأخرة فأشعر أنه يريد أنن يسألني أين كنت ولماذا تأخرت كنت أرد عليه النبطشية عكت ف الأخر ،، وعندما حان تركي للمكان لانتقالي إلي مدينة أخري ومستشفي آخر لم يؤلمني ترك أي شئ إلا العصفور كان يتابعني وأنا ألملم حاجياتي في شنط كبيرة كأنه يسألني إلي أين أنت ذاهبة ، وأنا أترك الغرفة ساحبة حاجياتي قلت له وهو معلق بقدميه الدقيقتين بحديد النافذه وعيناه في عيني هتوحشني قوي ..

 

 

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.