مختارات
الرئيسية / مقال رئيس التحرير / تموت الحرة .. بقلم : باهـر الســليمي
باهر السليمى

تموت الحرة .. بقلم : باهـر الســليمي

في أحد الأيام إجتمع المال والعلم والشرف ودار بين الثلاثة الحوار التالي
قال المالْ : إن سحرى على الناس عظيم .. وبريقى يجذب الصغير والكبير، بي تفرج الأزمات .. وفي غيابى تحل التعاسة والنكبات !
قال العلْم : إنني أتعامل مع العقول .. وأعالج الأمور بالحكمة والمنطق والقوانين المدروسة! لا بالجنيه و الدولار ! إنني في صراع مستمر من أجل الانسان ضد أعداء الانسانية الجهل والفقر والمرض .
قال الشرف : أما أنا فثمنى غال ولا أُباع وأُشترى، من حرِص علىّ شرفتُه ..ومن فَرّطَ فيّ حَطمتُه وأذللته !
عندما أراد الثلاثة الإنصراف تساءلوا : كيف نتلاقى ؟
قال المال : إن أردتم زيارتى يا أخوانى فابحثوا عني في ذلك القصر العظيم.
وقال العلم : أما أنا فابحثوا عني في تلك الجامعة وفي مجالس الحكماء.
ظل الشرف صامتاً فسألاه زميلاه لم لا تتكلم ؟؟؟؟
قال الشرف : أما أنا فإن ذهبت فلن أعود!!!
” الشرف ” .. أغلى ما تمتلكه المرأة فى حياتها – هذه مسألة مفروغ منها وأعلم أنى لم آت بجديد – و لكن أحيانا قد يباع هذا الشرف بأبخس الأثمان و أحيانا أخرى على قارعة الطريق – مشاهد كورنيش النيل خير شاهد – و فى المقابل و على العكس من ذلك يستحيل التفريط فيه حتى و لو بكنوز الدنيا و الآخرة و تحت أى ظرف كان , النموذجان موجودين فى الحياة منذ بدء الخليقة .. نعم أعرف أن الحاجة تذل بعض النساء , ولكن ليس كل النساء . فقط الحرة هى التى تستطيع أن تتغلب على الجراح و المصاعب و تحولها إلى مصدر قوة .
و النماذج الشريفة والعفيفة فى واقعنا كثيرة .
لا يوجد ظرف أقوى من الجوع . ولذلك عندما قال العرب ” تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها ” قصدوا أن تجوع ولا تفعل ذلك . والشرط هنا , هى أن تكون حرة أما إذا لم تكن كذلك فهو حديث آخر. وقد سمعت عن أسر وحالات فردية لما أشتد بها الفقر ولم تجد ما تعيش به أغلقت على نفسها بابها حتى ماتت صبرا . فى المقابل هناك من تأكل بثدييها وشفتيها وذراعيها وساقيها و أشياء أخرى ـ نجمات السينما والرقص مثلاً – ! وهي تفعل ذلك لأن المجتمع يسمح لها مع الاحترام، وأنها تحاول أن تجعل هذه الحرفة أو الصناعة عملاً فنياً .
” الضرورة لها أحكام ” هذه المقولة هى الشماعة التى تعلق عليها خطئها كل من فرطت فى شرفها أو ” أكلت بثدييها ” – و أعرف كثيرات أكلن بأثدائهن دون أن تكون هناك أدنى ضرورة , وهذا أمر آخر – فليس هناك ضرورة تبيح للمرأة أن تبيع شرفها لمن يدفع فالعمل خادمة أو الشحاذة أهون و أشرف و أكرم بكثير من ذلك , و هناك مليون حل و حل أفضل من التفريط فى الشرف ..
و الشرف لا يرتبط بالمرأة فقط بل بالرجل أيضا , فإذا كان هناك من تفرط فى شرفها – سواء للضرورة أو غير ذلك – فهناك رجال – أقصد اللفظ و ليس المعنى – يفرطون فى شرفهم و أنظر حولك , ففى يوم و ليلة تجد شابا لم يكن يمتلك من حطام الدنيا شيئا و فى وقت قصير لا يتعدى الشهور تجده و قد أمتلك السيارة الأحدث موديلا و الشقة الفاخرة إن لم تكن الفيلا بالأضافة إلى الممتلكات الأخرى , لآنه بأختصار باع كل شئ , و بدأ المزاد بشرفه , فإلى ماذا ينتهى الحال ؟!
فعلا .. صدق العرب , تجوع الحرة و لا تأكل بثدييها , ولكنى أقول ” تموت الحرة و لا تأكل بثدييها ” .

 

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.