مختارات
الرئيسية / ثقافة و أدب / زنقة ملك .. فانتازيا .. بقلم : باهر السليمي
باهر السليمي

زنقة ملك .. فانتازيا .. بقلم : باهر السليمي

أستيقظ جلالة الملك فى تمام الساعة السادسة صباحا كعادته– بالذمة فى ملك بيصحى سته الصبح ليه ببيع لبن – التى يواظب عليها منذ توليه الحكم خلفا لعمه الذى لم ينعم عليه المولى سبحانه و تعالى بنعمة الأنجاب .. أزاح جلالة الملك الغطاء عن جسمه الملظلظ و أنتصب واقفا بجوار فراشه و قام بأجراء بعض التمرينات الرياضية الخفيفية مثل تلك التى كنا نقوم بها فى مرحلة التعليم الاساسية – معرفش أن كانت وزارة التعليم مستمرة فى ذلك أم لا – ثنى مد تحت فوق و بعدها أتجه جلالة الملك و صوت الشبشب الزحافى يطرقع فى طرقات القصر الملكى – أيه الحكايه هو أنت بتتكلم عن مسعود أفندى اللى مقيم فى لوكاندة الشمس بكلوت بك – و يمد يده ليفتح باب التواليت .. و هنا بدأت الأزمة ..

لم يتوقع جلالة الملك ان ما حدث له داخل التواليت من الممكن ان يحدث حتى ولو فى خيال ابرع المبدعين والمؤلفين , فبعد ان انتهى من اخراج ما فى جسمه– زيه زى اى بنى ادم فى الدنيا – مد يده ليفتح الشطاف ولكن الأخير لم يستجب لأمر جلالة الملك , – معقولة فى حد ما بينفذش أوامر الملك – حاول الكرة مره واخرى ولكن دون جدوى فلم تصطدم بمؤخرت جلالته أى قطرة ماء , الدهشه علت وجه الملك , لم يطل الملك كثيرا , فمد يده و ألتقط عدد من

“ا لكلينكس “و انهى أمره بيده , و همس لنفسه قائلا بيدى لا بيد عمرو .. و بعد أن أعتدل من جلسته مد يده ليضغط على السيفون , إلا أن الأخير لم يطاوعه هو الاخر فنظر الى قاعدة التواليت فلم يتحمل ما شاهده أو استنشاق الرائحة الخارجة منه فبصق على القاعدة بعد ان كاد يخرج كل ما فى جوفه و أتجه الى البانيو و أنتزع ثيابه ووقف أسفل الدش و انتظر نزول المياه غزيرة ووفيرة دافئة , إلا أن ذلك لم يحدث أيضا .. طال انتظاره عسى ان يأتيه الفرج , لكن الفرج لم يأت .. فخرج من البانيو كيوم ولدته امه و أرتدى البرنص و خرج من باب التواليت ينادى بأعلى صوته و قد تملكه الغيظ و ليس الغيط _ فاكرين نجيب الريحانى مع التلميذات – و نادى على الحراس و المشرفين على القصر الملكى فجاءه عدد من الحراس و الخدام مهرولين , أوامر جلالتك , فرد عليهم الملك و قد سبق كلامه ما تبقى فى فمه من ماء ألتصق على وجوههم , أوامر أيه يا ولاد الكلب , أدخل التواليت ملاقيش نقطة ميه , أيه اللى بيحصل ده , أنطقو يا جزم , فنظر الحراس من تحت لتحت إلى كبيرهم حتى يتحدث نيابة عنهم و يدافع , إلا أن الكبير تسّمر فى مكانه و كأنه قد مسه شيطان , فنظر اليه الملك شاخطا : انت هتفضل واقف لى كده زى التور , انطق يا بجم , فسر لى اللى بيحصل ده .

و بعد أن اخذ كبيرهم نفسا عميقا داخليا – طبعا مش يقدر يأخد النفس ده قدام جلالته عينى عينك – جلالتك اللى حصل ده مش بأيدينا , حاولنا نوفر أى كمية من الميه معرفناش جلالتك , فوخذه الملك بقبضة يده فى كتفه : قولى كلام أصدقه أزاى مفيش ميه , هو أحنا فين هنا ..

و بعد أن حبس كبير الحرس دمعة كادت تسقط من عينه , فما حدث من الملك لم يعهده من قبل فهو الصديق المقرب له , و أقرب إليه من نفسه كما أنه عز فى نفسه أن يعنفه الملك أمام مرؤسيه .. و قال كبير الحرس للملك : زى ما بقول لفخامتك .. الميه أنقطعت عن القصر و محبيناش نزعج جلالتك و خاصة أن فخامتك كنت مرهق جدا بعد حفلة أمبارح .

الملك مازال فى ثورته و هياجه : أنا مش مصدق اللى بسمعه .. ده كابوس .. طيب مفيش ميه معدنيه ..

كبير الحرس و مازال التوتر مسيطرا عليه : لا للاسف جلالتك ..

الملك مندهشا : أزاى ؟!!

كبير الحرس : أصل .. أصل

الملك : أنت لسه بتأصأصلى .. أتكلم

كبير الحرس : أصل الوفود الأجنبية اللى كانت حاضره الحفل أخدو كل أزايز الميه المعدنية ..

الملك : اشمعنى

كبير الحرس : جلالتك .. الميه مقطوعه فى المنطقة من أمبارح و مفيش أى نقطة ميه ..

الملك يضرب كفا بكف و على طريقة اللمبى فى فيلم اللى بالى بالك : يا نهار أسود .. يا نهار أسود

كبير الحرس : حتى البسين جلالتك مفهوش اى نقطة ميه

الملك : أزاى

كبير الحرس : لما الوفود الأجنبية جلالتك خلصّت على أزايز الميه المعدنية

و كانوا لسه محتاجين ميه أمروا حراسهم يملوا الجراكن من مية البسين ..

الملك باندهاش شديد : هو انا قاعد فى قصر ملكى و لا زريبه .. و الله دى نكته .

الملك يتابع حديثه : لى معاكم تصرف تانى يا كلاب . بس مش وقته دلوقتى . أنا عايز رئيس الوزراء وجميع الوزراء يجيولى بعد نص ساعه .. فاهم .. اتحرك

كبير الحرس : تمام جلالتك .

ينصرف كبير الحرس وتابعيه ويدخل الملك غرفة نومه ويجلس على كرسى هزاز واضعا ساقا على ساق و تظهر سمانة رجله من بين ثنايا البرنص و كأنها سمانة رجل ليلى علوى و هى فى عز كلبظتها ويمسك بالريموت ويفتح التليفزيون على أحدى القنوات الفضائيه ، والدهشه تعلو وجه الملك فلم يصدق ما يسمعه ويراه . فقد خرج المذيع ليتلو نبأ عن وجود أزمة مياه فى القصر الملكى وتعرض الملك لموقف مخجل على حد وصف المذيع ..

أنتفض الملك واقفا وأخذ يجوب الغرفه وهو يحدث نفسه بكلمات غير مسموعه ..وينظر الى خارج الشرفة ومازالت الشبورة تملأ سماء العاصمه .. وبعد برهة من الوقت سمع رنين التليفون فألتقط السماعه بطريقة عصبية..

الملك : أيوه .. مين

يسمع صوت الطرف الأخر .. كله تمام فخامتك معالى رئيس الوزراء والسادة الوزراء فى قاعدة الاجتماعات فى أنتظار جلالتك ..

الملك بغطرسة : أوك .. أنا جاى لهم .. ويضع السماعه بعصبية .

رئيس الوزراء بابتسامته البلهاء يستمع لاحد الوزراء , وأحاديث جانبيه بين الوزراء وهمهمه هنا و هناك على أطراف المائدة البيضاوية ..

وينفتح باب القاعه ليظهر الملك وما زالت علامات النوم بادية على وجهه و كأن غضب الله قد نزل عليه , ودخل مرتديا البرنص والشبشب الزحافى .. وأنتصب رئيس الوزراء صباح الخير جلالتك , وردد الوزراء من خلفه نفس التحيه فى صوت واحد

الملك من أمام باب القاعه : يجى منين الخير بروح أمكم , بالذمه انتو وزراء .. وينظر الى رئيس الوزراء من تحت لفوق .. ومش عارف انت عمال تضحك عمال على بطال .. ليه , بالذمه أيه اللى بيضحك ,

رئيس الوزراء ومازال مبتسما : كفايه أنى شفت فخامتك

الملك : يا شيخ أتلهى كده .

رئيس الوزراء على أبتسامته : جميل .. فخامتك .. جميل .

الملك : أيه هو اللى جميل .

رئيس الوزراء : فخامتك يا فندم .

ونظر إليه الملك نظره ذات معنى ثم جلس على كرسيه .. ونظر إلى الوزراء الذين مازالوا واقفين .. ما تقعدوا ولا أنتو مستنين عزومه ..

ويجلس الوزراء .. والوجوم على وجوههم .

الملك منفعلا : عاجبكم المنظر اللى أنا فيه ده .

رئيس الوزراء مبتسما : جميل . جميل . . جلالتك

الملك : لو سمحت ممكن تنقطنا بسكاتك .

ووجه الملك كلامه للوزراء : أنا عمرى ما شفت مهزله زى دى , دى قلة أدب .. مسخره ..

الوجوم مازال مسيطرا على الوزراء ..

الملك يستكمل : أصحى من النوم ملاقيش نقطة ميه .. المصيبه الاكبر أن قناة فضائيه تعرف بالخبر وتذيعه وأنتو بسلامتكم نايمين على ودانكم .

رئيس الوزراء : فخامتك أزاى ده حصل .. مش ممكن .

الملك : قلت لك مش عايز أسمع صوتك .. أنت فاهم ولا تفضل طول عمرك غبى مابتفهمش .

الملك يضغط على الريموت ويظهر المذيع على شاشة التليفزيون الموجوده فى صدر القاعة ويعيد أذاعة الخبر ..

وتعلق أحدى الوزيرات : يا مصيبتى , يا خبر أسود

الملك منفعلا : أنتى جايه تولولى .. وتندبى .. أسكتى يا وليه.

وزير شاب يبتسم للملك : جلالة الملك .. أنا شايف أنه مفيش أى مشكله خالص ..

الملك غاضبا : بتقول أيه يا روح تانت .. ( ملاحظة: تانت دى تبقى جلالة الملكة حيث أن الوزير الشاب أبن شيقيقتها )

الوزير الشاب : زى ما بقول لفخامتك كده يافندم ما فيش أى مشكله .

الملك : ازاى يابنى وانا فضحتى بقت بجلاجل , فضيحة المطّاهر..

الوزير الشاب : جلالة الملك ممكن تسمع وجهة نظرى بعد أذن فخامتك ..

الملك : قول .. لما نشوف أخرتها أيه معاكم

الوزير الشاب : فخامتك الخبر تم إذاعته , لكننا نستطيع الاستفادة منه ..

الملك متهكما : أزاى يا أبو العريف ؟

الوزير الشاب : جلالتك الكلام المتداول الان أن فخامتك و العائلة المالكه بعيدة تماما عن مشاكل وأزمات المواطن العادى , وأننا لا نعيش همومه , و ها هىقد جاءت الفرصه على طبق من دهب لكى نثبت للجميع أننا نشارك المواطن البسيط كل همومه , حتى فى أنقطاع المياه فإن الملك بجلالة قدره يتعرض لمثل هذه المشاكل ويعانى منها مثله مثل أى مواطن فى المملكة .

الملك يعجب بكلام الوزير الشاب ويبتسم : كلام جميل , وينظر إلى رئيس الوزراء بطرف عينه , ومازال رئيس الوزراء على أبتسامته المعهوده .

ويستكمل الوزير الشاب حديثه : بالاضافه الى ذلك جلالتك.. إذاعة هذا الاجتماع على الهواء مباشرة .. وفخامتك بالبرنص –سورى – والشبشب الزحافى , وكمان جلالتك تمسك جركن ميه زى أى مواطن عادى ..

الملك يداعب خصلات شعره ” المصبوغ ” و يشطح بخياله : فكرة مجنونه .. بس تمشى .. طيب يلا مستنين ايه .

لحظات .. وتم أعداد كل شىء , والكاميرات تصور وقائع الاجتماع الطارىء و الملك محتضنا الجركن .. ويميل الملك برأسه ناحية الوزير صاحب الحس الأمنى العالى : قولى أنا شايف وزير ….. زى ما يكون على رأسه عفار .. هو كمان مش لاقى ميه .

الوزير صاحب الحس الامنى العالى مبتسما : أصل جلالتك كان أمبارح عنده واجب ملحقش يغتسل فتيمم .

الملك يفطس على نفسه من الضحك , وينظر الى الوزير المتيمم , ربنا يديك الصحه يا بورم , بس كان ممكن تعتذر , وانا كنت اقبل أعتذارك .

الوزير المتيمم : العفو فخامتك دا أنا أجى لجلالتك على رموش عينى ..

ينفتح باب قاعة الاجتماعات فاجأة ويظهر كبير الحرس ويصرخ بأعلى صوته : الميه جات .. الميه جات يا جلالة الملك.

ويقف الوزراء مهللين مكبرين , يهنئون الملك , مبروك جلالتك .. مبروك , ويحمله أحد الوزراء على عنقه ويخرج به من القاعه وخلفه الوزراء يهنئون بعضهم البعض و تطلق الوزيرة زغروته تدوى فى أنحاء القصر الملكى . . و رئيس الوزراء مازال على أبتسامته و يسأل أحد الوزراء القدامى : هو فى أيه .. !!

أنتهت

 

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.