مختارات
الرئيسية / ثقافة و أدب / محاكمة في قضية إغتصاب .. بقلم : رشا السعدي

محاكمة في قضية إغتصاب .. بقلم : رشا السعدي

محكمة .. 

هكذا نادى حاجب المحكمة بصوته الجهوري ليقف الجميع إحتراماً لدخول لجنة القضاة ، وبعد عدة دقائق يتصفح فيها القاضي أوراق جريمة الإغتصاب التي أمامه ، وينظر إلى المتهمان في القفص ، ويبدأ في سماع المرافعة
محامي الضحية : سيدي القاضي .. إن هذان المتهمان قد إغتصبا موكلتي ولدى سيادتكم كل الأوراق والأدلة التي ثبت صدق الادعاء فيها
الدفاع : سيدي القاضي .. أرجو مناقشة المجني عليها وسؤال المتهمان مرة ثانية
القاضي : فلتتقدم السيدة .. إلى المنصة
وهنا تقف امرأة فائقة الجمال .. ساحرة بملامحها الشرقية .. مثيرة بحزنها ، وفاتنة في انكسارها ، وتتقدم نحو القاضي ، ويبدأ الدفاع في سؤالها
الدفاع : سيدتي .. هل أنتِ على ثقة من أن هذان الواقفان خلف القضبان هما من ارتكبا جريمة الإغتصاب في حقك ؟ ألا يجوز أن يكونا آخران ولكنكِ أخطأت الرؤية لحظة إنهيارك
وترد السيدة بنظرة جارحة من عينيها : أثق
الدفاع : أرجو أن تنظري إليهما جيداً مرة أخيرة
وهنا تنظر إليهما المُغتصبة بكرامة ، وتشتعل عينيها بمزيج من نيران الحزن والغضب ، وتصرخ قائلة : مُغتصبان والعار يلطخكما .. ثم يسقط سيل من الدموع السوداء على وجه القمر، فيصرخ أحد المتهمان :
ـ سيدي أنا برىء .. أرجو أن تستمع إلىّ دقيقة واحدة قبل أن تنطق بالحكم .. كما يهمني أن تستمع هي أيضاً إلى ما سأعترف به
القاضي : تفضل أيها الجسد
الجسد : أقسم لكِ قسم اللحظات التي جمعتنا سوياً على فراش المشاعر الدافئة والصادقة أني لم ألمس أنثى غيرك ولم أغتصب قلبك
المرأة ( صارخة ) : كاذب
الجسد : تمهلي وتوجهي بهذا السؤال لجمالك الذى لا يُقارن وسحرك الطاغي .. هل يستطيع أي جسد أن يخونك مع جسد آخر ؟
تصمت المرأة للحظات ، وهنا يتوجه القاضي بسؤاله للمتهم الثاني : وأنت .. هل ترغب في قول شيء آخر أيها العقل ؟
العقل : نعم يا سيدي .. كلمة واحدة
القاضي : تفضل
العقل ( ناظراً إليها بعمق ) : لم تستطع أي امرأة أن تخترق عقلي ، فقد كان كالحصن المنيع ، كان كالأسير داخل تلافيف عقلك أنتِ وأقسم على ذلك .. لم أفكر في إغتصاب قلبك
إرتعشت رموشها السوداء القاتلة ، ولكنها أصرت على أقوالها ، وعندما إستعد القاضي لنطق الحكم ، وعلى حين غرة فُتح باب القاعة وصرخ آخر قائلاً : لحظة يا سيدي .. لدىّ إعتراف قد يغير مجرى القضية ، وهنا إلتفت إليه القاضي وسأله عن هويته ، فأخبره أنه القلب ، فطلب منه أن يُخبره ما لديه من معلومات قد تُفيد القضية ، فتوجه القلب إلى السيدة الفاتنة والتي نظرت إليه بكل شغف ورجاء وخوف
القلب ( جاثياً عند قدميها ) : أنا من إغتصبت قلبك يا حبيبتى وكنت على وشك خيانتك .. توهمت للحظات أنني في حالة حب مع إحداهن ، ولكن أقسم لكِ لم يتعد الموقف إلا أيام ، وأفقت من أوهامي وجهلي ، وعلمت أن قلبك لا يستحق الإغتصاب لسبب واحد لم أكن ……
فقاطعته وهي تنظر إليه مرتعشة وحزينة وتسأله : ما هو ؟
القلب : أن قلبي وقلبك إندمجا منذ عصور قد مضت .. ذوبان وإنصهار ، لا أستطيع ذبحه أو إغتصابه .. سامحينى وأقسم أنني لم أخن .. كانت لحظة خائبة
تتردد المرأة للحظات ، وتنظر إلى الجسد والعقل الأبرياء وهما يتوسلان إليها بنظراتهما أن تغفر وتعفو ، ويهتف القلب ويقبل يديها أمام الجميع
ـ إغفري
فتسقط بين أحضانه وتغرقه بأنهار من الدموع قائلة بصوت مقتول : غفرت
وهنا يعلن القاضي إنتهاء القضية ويخرج من القاعة القلب والعقل والجسد بصحبة الفاتنة.

 

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.