مختارات
الرئيسية / وجهات نظر / ميكافيلية الأسد في التعامل مع الأزمة السورية : سوريا إلى أين؟ .. بقلم : د. حمدى بشير

ميكافيلية الأسد في التعامل مع الأزمة السورية : سوريا إلى أين؟ .. بقلم : د. حمدى بشير

حمدى بشير

د. حمدى بشير

يبدو أن الميكافيلية فكراً وأيدلوجية لم تغيب عن أذهان العديد من حكام العالم على مر العصور، سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد، فالممارسات الميكافيلية باسم الديمقراطية والدين لا تزال تضرب بجذورها في السياسات الداخلية والخارجية، وقد كان للنظام السوري حظاً وفيراً منها.

فلا يزال الفكر الميكافيلى يجد صداه في القرن الحادي والعشرين، فأسلوب تعامل القيادة السورية مع المطالب الشعبية هو نموذج للنهج الميكافيلي في التعامل مع الأزمة الداخلية، فالنهج والفكر الميكافيلي في الصراعات هو استخدام كل الوسائل في الصراع السياسي بحجة حماية الدولة، فالغاية تبرر الوسيلة ومن ثم اللجوء إلى الخيار العسكري لحل الأزمة مع المعارضة وليس الحوار.

ولم يفطن الأسد يوماً إلى أن أحد أسباب ثورات الربيع العربي في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين هو النهج الميكافيلي في التعامل مع مطالب الشعب في التغيير، لقد كان ميكافيلي دائماً يبرر استخدام الدين كأداة لخدمة السياسة، ويقول أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين احتلوا وانتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك، ويرى أن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس، ومن واجب الحاكم أحياناً أن يساند ديناً ما ولو كان يعتقد بفساده، ويقول ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة، ولا يجدي أن يكون المرء شريفاً دائماً.

إن هذا النهج الميكافيلي الذي يسيطر على فكر بشار الأسد في إدارة الحرب التي تدور رحاها بين النظام والمعارضة حتى كتابة هذه السطور، ومحاولته اليائسة من تصوير المشهد بالدرامي والبطولي في مواجهة الإرهاب، وأن الحرب هي حرب على الإرهاب هو أمر مضحك وهزلي وساذج ومؤسف للغاية.

ويبدو أن البعد الديني الطائفي يخيم على المشهد، فقد سمح النظام بدخول قوات حزب الله والحرس الثوري الإيراني للقتال إلى جانب قواته، وبرر استخدام الآلة العسكرية في قتل المدنيين وتهجير المهجرين واقتلاع الشعب السوري بمحاربة الإرهاب، وتجاهل مطالب الشعب السوري في الإصلاح السياسي. وواقع الأمر أن دخول حزب الله والحرس الإيراني إلى الساحة السورية هو الذى دفع إلى ظهور بعض الجماعات المتطرفة، فهل تحولت المعركة السياسية إلى “حرب الإرهاب ضد الإرهاب”؟؟.

وبلا شك، إن هذه الأيدلوجية الميكافيلية في التعامل مع الأزمة قد أدت إلى قتل ما يزيد عن مائة ألف مواطن سوري، من بينهم 14 ألف طفلاً و13 ألف امرأة، وتشريد حوالي 6 ملايين لاجئ، والصورة أبشع من ذلك بكثير، فالحقيقة التي يندى لها الجبين هي الحياة التي عاشها هؤلاء اللاجئين بلا مأوى في برد الشتاء القارص، وبلا دواء في بيئة الأوبئة القاتلة مشردين بين البلدان من بلد إلى بلد، يحرمون من التمتع بحقوقهم كمواطنين في بلدهم.

بل إن مما زاد الطين بله اتجاه الأسد إلى إعلانه الترشح لفترة رئاسية جديدة، لكي يبدو المشهد أشبه بمسرحية كوميدية هزلية ساخرة لمطالب الشعب في التغيير، ففي الوقت الذى لازال العالم يصم آذانه عن أصوات المدافع ويغض بصره عن مشاهد القتل والدمار والخراب في كافة المدن والقرى السورية، يعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن ترشحه للانتخابات الرئاسية متجاهلاً للمطالب الشعبية بالتغيير، مما جعل الكثير من أبناء الشعب المعارضين لحكمه يتساءلون ساخرين: أين الشعب الذي سينتخب الرئيس؟، أين الشعب الذي قتل وهجر من بلده هاربا يلوذ بالفرار من الآلة العسكرية إلى الدول المجاورة؟.

إن عزم الأسد عن الترشح لفترة رئاسية جديدة يجعل الأمر أكثر ضبابية فيما يتعلق بمستقبل الاستقرار السياسي في سوريا، فهل يتجه مسار العملية السياسية إلى المجهول وإلى نفق مظلم لا مخرج منه سوى الدماء والاستمرار في السلطة حتى ولو بقوة الدبابات.        

وبلا شك إن الأمر مخزي، عندما تبدو الصورة في سوريا لا تختلف كثيراً عن الصورة في فلسطين المحتلة التي تجاورها، فلا فرق بين ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني الذي هجر من أرضه أمام زحف الدبابات والآلة العسكرية، فمتى سيعود السوريين إلى أرضهم، وهل لهم حق العودة؟؟!!!.

* عضو المكتب الفنى لوزير التجارة والصناعة – مصر

[email protected]

 

 

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.