مختارات
الرئيسية / مقال رئيس التحرير / وزراء على ما تفرج .. بقلم : باهر السليمي
باهر السليمى

وزراء على ما تفرج .. بقلم : باهر السليمي

 

7رؤساء وزراء و6 وزراء للداخلية و11 وزيرا للتعليم العالي بعد 25 يناير وحتى الأن

173 وزيرا على المعاش خلال 5 سنوات ويبلغ معاش الوزير فى المتوسط من 3 آلاف الى 8 آلاف جنيها

** أجور المستشارين العاملين في الوزارات تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه سنويًّا، كما بلغت قيمة المكافآت والبدلات لكبار العاملين في الدولة ما يقرب من 100 مليار جنيه

** هل نحن بالفعل بحاجة الى كل هذا العدد من الحقائب الوزارية، وبحاجة الى كل هذه التعديلات الوزارية، أما كان الأجدر ضم المزيد من الوزارات وثيقة الصلة بعضها ببعض مع عمل إدارات مختصة بكل جهة من الجهات التى تم ضمها، لتعمل تحت مظلة الوزارة الواحدة ؟!
لم تصدمنى تصريحات وزير القوى العاملة الأسبق بأنه كان وزيرا على ما تفرج حسب تعبيره ، فقد وصف أبو عيطة فى تصريحات صحفية أداء حكومات ما بعد 25 بأنها حكومات على ما تفرج وأنه كان وزير على ما تفرج، فلا تعلم من أين أتت ولا تعلم من أين ذهبت ولا تعلم سر تعيينها ولا أسباب بقائها ولا أسباب إقالتها.
اتفق تماما مع ما قاله ” الرجل” وأزيده من البيت شعرا وأقول أنهم وزراء خراب ودمار على مصر واقتصادها .. فهم وزراء KG2 ولا استثني منهم أحدا .. إلا من رحم ربي ..
ما يقرب من 5 سنوات مرت على أحداث 25 يناير، تعاقبت خلالها على مصر 7 حكومات، ورغم كل هذه التغييرات لم نر أى تقدما فالحال من سئ إلى اسوأ .. وانظر حولك !
وكانت البداية مع حكومة الفريق أحمد شفيق التي تولت في 29 يناير 2011 بعد إقالة حكومة الدكتور أحمد نظيف من قبل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وقدمت استقالتها في 3 مارس 2011.
ثم جاءت حكومة عصام شرف والتي تشكلت الوزارة في 3 مارس 2011، واستقالت 21 نوفمبر 2011،

وأعقبتها حكومة كمال الجنزوري تم تشكيلها في 7 ديسمبر 2011 كحكومة “إنقاذ وطني”، وقدمت استقالتها 25 يونيو 2012 للمجلس العسكري، بعد أول انتخابات رئاسية عقب ثورة يناير.
ثم حكومة هشام قنديل: أول حكومة تتشكل في عهد المعزول محمد مرسي في 2 أغسطس 2012 ورحلت وقت ثورة 30 يونيو 2013 وحدث تعديل في يناير 2013 وفي مايو 2013.
وجاءت حكومة حازم الببلاوي: تشكلت الوزارة في 16 يوليو 2013، فترة تعيين الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور واستقالت 24 فبراير 2014.
وأعقبتها حكومة إبراهيم محلب: شكل حكومتين، الأولى في 25 فبراير 2014 في عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور بعد استقالة حكومة الببلاوي، ثم استقالت في 8 يونيو 2014، والحكومة الثانية في 17 يونيو 2014 عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي وتم تعديلها في 5 مارس 2015.
الحكومة الأخيرة برئاسة شريف إسماعيل، تشكلت في ٢٠ سبتمبر 2015 وتم تعديلها في 23مارس الحالي.

ورغم ما ابتلانا به المولى سبحانه وتعالي بمثل هؤلاء الوزراء إلا أنهم لم يرحمونا من سقطاتهم وطول لسانهم وتصرفاتهم التي وصلت إلى حد الفضيحة ..
حيث توالت سقطات الوزراء بطريقة كبيرة وانتشرت إعلاميا بقوة منذ 25 يناير، وأدت هذه السقطات فى أغلب الأوقات إلى استقالة الوزير أو رئيس الوزراء أو حتى الحكومة بأكملها.
وجاءت حكومة الإخوان بقيادة هشام قنديل بأقوى السقطات فى تاريخ السياسة المصرية وكان أحد أبطالها وزير الإعلام صلاح عبد المقصود، وكانت أولى سقطاته على الهواء مباشرة، حيث جاءت إجابته على إحدى الإعلاميات في مؤتمر صحفي عندما سألته عن حرية الإعلام قائلة “أين حرية الإعلام سيادة الوزير”، فرد عليها قائلا : “تعالي وأنا أقولك فين”.
وتصريح آخر عند لقائه مع الإعلامية زينة اليازجى على تلفزيون “دبي” عند قيامها بعرض تقرير عن آراء الصحفيين حول حرية الإعلام، فرد عليها قائلا : “المهم متكنش “سخنه” زيك”.
وجاءت أقوى سقطة من رئيس الوزراء هشام قنديل بنفسه، حيث قال فى لقاء للإعلاميين، إن إصابة الاطفال الرضع في بنى سويف بالاسهال بسبب عدم اهتمام امهاتهم بنظافة “صدورهن” الشخصية قبل إرضاعهم، وهو الأمر الذى أثار حفيظة الصعيد بأكمله، وبعدما سقط نظام الإخوان تم محاكمة هشام قنديل على تصريحاته.
توالت السقطات بعد ذلك لتلتهم حكومة إبراهيم محلب وكانت أولها لوزير العدل السابق، المستشار محفوظ صابر لأحد البرامج التلفزيونية: “كتر خير عامل النظافة إنه ربى ابنه وساعده للحصول على شهادة، لكن هناك وظائف أخرى تناسبه، غير القضاء”، وهو التصريح الذي أعتبر عنصريا وتقليل من شأن المواطنين، فأدى لاسقالة الوزير بعدها بـ 24 ساعة.
وتلاه تصريح وزير التعليم العالى السابق السيد عبدالخالق، في تصريح لأحد المواقع الإخبارية: “من أشاع وجود خلافات بين رؤساء الجامعات، كذاب ونتن وقليل الأدب”، وهو التصريح الذي أدهش البعض من جرأة وزير التعليم العالي، وتعديه بالشتائم في “تصريح رسمي”.
وجاءت مشكلة أخرى تخص وزير التعليم العالى، عندما أصدر قرارا باستثناء “ولاد الكبار” من التوزيع الجغرافي، إضافة لتدخله لاستثناء إحدى قريبات مذيعة مشهورة، لفتح باب التحويل لها خصيصا، بعد منع التحويل بسبب التوزيع الجغرافي.
وانضم وزير الثقافة عبدالواحد النبوي إلى وزراء التصريحات فى حكومة محلب، حيث قال فى زيارة ميدانية، لمتحف محمود سعيد، لأمينة المتحف، عزة عبدالمنعم، “أنا أصلا عندي مشكلة مع التخان”، بسبب زيادة وزنها، وهو ما أثار غضب الجميع ضده.
وكانت وزيرة السكان، هالة يوسف صاحبة أخر السقطات فى حكومة محلب حيث حدثت خلافات ومشادات، بين أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة عزة العشماوي، وبين الوزيرة بسبب كلام الأخيرة لها “اللي مش هيشتغل هديله بالشبشب”.
وجاءت آخر سقطات الوزراء مع تصريح وزير العدل الذى أعفى من منصبه منذ ساعات قليلة حول محاسبته لأى مخطئ حتى لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم سيسجنه.
من المفارقات أنه منذ اندلاع احداث 25يناير وحتى الآن، تم تغيير 6 وزراء للداخلية في وجود 5 رؤساء لمجلس الوزراء وهم محمود وجدي أول وزراء الداخلية، بعد إنهيار جهاز الشرطة، يوم 28 يناير، والذي جاء في الحكومة التي شكلها الفريق أحمد شفيق، بأمر من الرئيس الأسبق مبارك، في محاولة منه لتهدئة الشارع الغاضب برحيل الوزير حبيب العادلي.
لم يستمر وجدي في منصب الوزير فترة طويلة، إذ رحل برحيل حكومة أحمد شفيق، بعد أقل من شهر من تنحي مبارك.
الثاني منصور العيسوي عندما تولى الدكتور عصام شرف، منصب رئيس الوزراء، والذي جاء به ، وزير للداخلية في 6 مارس 2011.
ومن أبرز القررات التي أصدرها العيسوي وقت توليه الوزارة، كان إلغاء مباحث أمن الدولة بكل إداراتها ومكاتبها في كل محافظات مصر و تأسيس جهاز بديل «الأمن الوطني» في 15 مارس من نفس العام.
لم يستمر العيسوي الذي وعد فور توليه مهام منصبه الجديد بالسعي لاستعادة الأمن بالبلاد، والعمل على تحسين صورة جهاز الشرطة لدى المواطن، ورحل في أغسطس 2012، بعد إستمرار تردي الأوضاع الأمنية.
الثالث محمد إبراهيم والذي عين خلفًا للواء عيسوي، في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، خلفًا للواء العيسوي.
حيث شغل عدة مناصب بالوزارة، من بينها مساعد الوزير للشؤون الإقتصادية، وشهد عهده عدة توترات سياسية، أهمها أحداث محمد محمود والتي راح ضحيتها عشرات القتلي ومئات المصابين، الأمر الذي أدي إلي استجوابه في مجلس الشعب، واستمر في منصبه حتى انتخاب محمد مرسي رئيسًا للبلاد.
الرابع أحمد جمال الدين الذي تولى منصب وزير الداخلية خلفًا للواء محمد إبراهيم في أغسطس 2012، في حكومة هشام قنديل ، وكان جمال الدين مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن، وقد شغل منصب مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام في 2004، وكان له دور بارز في مكافحة بؤر الإجرام بخاصة أحداث قرية النخيلة بمحافظة أسيوط.
لم يمكث جمال الدين، في الوزارة لفترة طويلة، وشهدت عهده عدة أحداث، أبرزها أحداث «الإتحادية»، والتي حدثت أما القصر الرئاسي، والتي تردد أنها السبب وراء إقالته بعد رفضه استعمال القوة مع المعتصمين أمام قصر الاتحادية.
الخامس محمد إبراهيم 2 .. في بدايات عام 2013، عينه الرئيس المعزول محمد مرسي، وزيرًا للداخلية، والذي شغل منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون قبلها.
ويعد محمد إبراهيم، من أكثر وزراء الداخلية إثارة للجدل، بعد حدوث عدة أحداث دموية، وتزايد الهجمات الإرهابية، ضد قوات الشرطة، وتعرض عدد منهم للإغتيال.
ومن أبرز الأحداث الأمنية في عهد وزير الداخلية السابق تفجيرات مديرتي أمن القاهرة والدقهلية، وإغتيال ضابط الأمن الوطني محمد المبروك، ومقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ، وأحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، وأحداث «ستاد الدفاع الجوي»، وكان آخرها التفجير الذي حدث أمام دار القضاء العالي.
السادس مجدي عبد الغفار الوزير الذي تم تعيينه ، ضمن تعديل وزاري مصغر في 7 وزارات، هو الوحيد، منذ رحيل الوزير الأسبق، حبيب العادلي من جهاز الأمن الوطني «أمن الدولة سابقًا»
وكان اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية الأسبق، أصدر قراراً بتعيين اللواء مجدي عبدالغفار رئيساً لقطاع الأمن الوطني، خلفاً للواء حامد عبدالله، أول رئيس لجهاز الأمن الوطني بعد ثورة 25 يناير وتم تعيينه في مارس 2011، بعد بلوغه السن القانونية للمعاش، في 3 يوليو 2011.
لم يقف الأمر عند هذا الكم الكبير من وزراء الداخلية الذين تم تغييرهم فقد امتد إلى وزارة التعليم العالي فقد تم تغيير أكثر من 11وزيرا حتى الأن .
فقد جاء الدكتور هاني هلال كأول وزير تعليم عالي في وزارة الفريق أحمد شفيق عقب رحيل حكومة الدكتور أحمد نظيف بعد 25 يناير ولم يستمر سوى 20 يوما فقط.
وأعقب هلال في الوزارة الدكتور أحمد جمال الدين موسى، واستمر لمدة 12 يوما فقط، ثم الدكتور عمرو سلامة واستمر 5 أشهر، ومن بعده الدكتور معتز خورشيد واستمر لمدة 5 أشهر أيضا، ثم الدكتور حسين خالد الذي استمر 4 أشهر، وجاء من بعده الدكتور محمد النشار اذي استمر لمدة 3 أشهر ونصف الشهر.
كل الوزراء السابق ذكرهم تم تكليفهم بحقيبة التعليم العالي، في فترة كانت مصر تمر فيها بأزمات متلاحقة، وتغيرات للحكومات، وتولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد، وانتخابات مجلس الشعب الأول بعد الثورة عام 2011، وكان نتاج تلك الاضطرابات تكليف 6 وزراء للتعليم العالي.
في يونيو 2014، فاز” المعزول” محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، بعد منافسة مع الفريق أحمد شفيق، وتم تشكيل حكومة جديدة برئاسة هشام قنديل، وتم تكليف الدكتور مصطفي مسعد بحقيبة وزارة التعليم العالي، واستمر 11 شهرا.
وبعد قيام ثورة 30 يونيو، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، في 16 يوليو 2013، وتم تكليف الدكتور حسام عيسى بوزارة التعليم العالي، واستمر حوالي 7 أشهر.
وعقب تقديم حكومة الببلاوي استقالتها للرئيس الانتقالي في تلك المرحلة المستشار عدلي منصور، يوم 24 فبراير 2014، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم محلب، وتم تكليف الدكتور وائل الدجوي، بوزارة التعليم العالي واستمر حوالي 3 أشهر.
وبعد إجراء انتخابات رئاسية تعد الثانية بعد ثورة 25 يناير، وفاز فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، في أوائل شهر يوينو لعام 2014، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم محلب، وتم تكليف الدكتور السيد عبدالخالق، بوزارة التعليم العالي والذي خرج منها في سبتمبر 2015.
ثم جاء د. أشرف الشيحي (19 سبتمبر 2015 – حتى الآن) في حكومة المهندس شريف اسماعيل.
وبحسبة بسيطة لعدد الوزراء الذين أقيلوا أو استقالوا، وأحيلوا بالتالى الى المعاش، نجد انهم منذ احداث 25يناير حتى الآن بلغوا 173 وزيرا على المعاش، ويبلغ معاش الوزير فى المتوسط من 3 آلاف الى 8 آلاف، أى أن هناك مئات الآلاف من الجنيهات اضيفت الى موازنة الدولة وإدارة المعاشات، عليها ان تدفعها شهريا لوزراء لم يبق بعضهم فى الوزارة سوى بضعة اسابيع او اشهر قليله، وهى اعباء كانت خزانة الدولة فى غنى عنها إذا ما تم توافر حسن الاختيار فى المعايير التى يتم على اساسها تعيين الوزراء، غير ان الارتباك فى المشهد السياسى ينعكس تماما على عمليات اختيار الوزراء ما بين وزراء تكنوقراط فنيين مختصين بنوعية الحقائب الوزارية التى يحملونها، وبين وزراء يتم اختيارهم بطريقة عشوائية، او بناء على تفضيلات التقارير الأمنية .
ولعل المعاشات لا تمثل العبء الأكبر على موازنة الدولة لهؤلاء الوزراء بقدر ما يمثله العبء المالى الذى يحيط بالوزير الجديد فى كل مرة، فرسميا راتب الوزير كان 3000 جنيه لكن فى عهد الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، تم تخصيص ما يسمي بـ«مبلغ مقطوع» يضعه مجلس الوزراء في حساب الوزير مطلع كل شهر ليصل إجمالي ما يتقاضاه كل وزير 33 ألف جنيه شهرياً، وبالطبع ارتفع هذا المبلغ كثيرا بصورة سريه لا يتم الاعلان عنها للرأى العام منعا لاثارة الغضب الشعبى، والمثير فى الامر أن مصر لم تشهد سوى حكومات تضم عددا هائلا من الوزراء، بحد ادنى 24 وزيرا، ويصل الآن الى 33 أو 34 وزيرا، وهو عدد مهول اذا ما تمت مقارنته بعدد الوزراء فى الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، فأمريكا بها 14 وزيرا فقط ، وهى مفارقة رهيبة اذا ما عرف ان تعداد سكان امريكا 307 ملايين نسمة، أى ما يقرب من ثلاثة اضعاف تعداد سكان مصر، فهل نحن بالفعل بحاجة الى كل هذا العدد من الحقائب الوزارية، وبحاجة الى كل هذه التعديلات الوزارية، أما كان الأجدر ضم المزيد من الوزارات وثيقة الصلة بعضها ببعض مع عمل إدارات مختصة بكل جهة من الجهات التى تم ضمها، لتعمل تحت مظلة الوزارة الواحدة.
ولعل ما قاله الدكتور عماد مهنا «عضو مجلس علماء مصر» الذى تم تجميد عضويته بسبب تصريحاته حول رواتب بعض الوزراء في مصر تصل إلى ثلاثة ملايين جنيه شهريًّا قد يبدو رقما مبالغا فيه، ولكن لا دخان بلا نار، وهو رقم يدعونا للصدمة، والبحث خلفه، فوفقا لما فسره مهنا ان الحكومة تعلن عن الرواتب الأساسية لوزرائها، ولا تعلن عن البدلات والمكافآت ورواتب مئات المستشارين التي لا يتم إدراجها في كشوف الإنفاق الرسمي للحكومة، وأن الإنفاق وصل حدّ صرف الحكومة ثلاثة ملايين جنيه، موزّعة ما بين أطقم حراسة وسمّاعات لاسلكية وموكب يصل في أقل تقدير إلى أربع سيارات، بالإضافة إلى سيارات الشرطة، وأحيانًا قوات خاصة من الجيش، وسيارات خاصة لأسرة الوزراء بداعي حمايتهم من الإرهاب، وهذا كله إلى جانب بدلات ومكافآت الوزراء ونوابهم وبدلات سفرهم وإقامتهم، وغيرها من المصاريف والنفقات غير الرسمية.
وهذه التصريحات التى فجرها مهنا دعت المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء أن يعلن ان راتب الوزير لا يزيد علي 32 ألف جنيه شهريًّا، شاملاً البدلات والمكافآت، الا أن وزير الأوقاف فى حكومة محلب المستقيلة، خرج علينا واكد تنازله عن نصف راتبه الذي يقدر بـ42 ألف جنيه، ما زاد الأمر ارتباكًا، وأثيرت التساؤلات أيهما أصدق فيما قال، أعلن المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء أن رواتب الوزراء ونوابهم لا تتجاوز الحد الأقصى للأجور؛ أي 42 ألف جنيه، أو ما يوازي ثلاثين مرة ضعف الحد الأدنى للأجور، فيما تناقض هذا أيضا مع سربته مصادر وزارية اعلاميا مؤخرا بقولها أن أجور المستشارين العاملين في الوزارات تصل إلى ما يقرب من 200 مليار جنيه سنويًّا، في الوقت الذي يعاني فيه العمال المصريون من التسريح من العمل والبطالة المرتفعة والفقر، وفيما وصل عجز الموازنة إلى 108 مليارات جنيه (حوالي 14 مليار دولار)، بلغت قيمة المكافآت والبدلات لكبار العاملين في الدولة ما يقرب من 100 مليار جنيه .
وإذا كان الغموض يشوب رواتب الوزراء، ولا يتم الاعلان عنها صراحة رغم تطبيق الحد الاقصى للأجور، فان بالعودة الى الوراء قليلا، ومقارنة ما يتقاضاه الوزير حاليا مع ما كان يتقاضاه فى عهد الرئيس السابق انور السادات مثلا، نجد مفارقات خطيرة، على الرغم من وجود عامل مشترك، وهو ان رواتب الوزراء في مصر غير محددة.. فالقانون حدد للوزراء رواتبهم وحدد أيضاً لرئيس الدولة راتبه، وراتب رئيس الدولة حسب القانون رقم 89 لسنة 1987 هو 25 ألف جنيه سنوياً، منها 12 ألف جنيه راتباً أساسياً و13 ألف جنيه بدل تمثيل، وهو ما يعنى الراتب الشهري لرئيس الدولة هو 2083 جنيهاً و33 قرشاً، و كان الرئيس جمال عبد الناصر يتقاضى راتب يبلغ 5 آلاف جنيه سنوياً، أي 416 جنيهاً و88 قرشاً شهرياً، وهو ما يعني أن راتبا رئيس الدولة ارتفع بنسبة 500% خلال 17 عاماً، وهي الفترة من نهاية عهد الرئيس عبد الناصر حتي صدور القانون رقم 89 عام 1987 والذي حدد راتب رئيس الدولة بمبلغ 25 ألف جنيه سنوياً، بعد أن كان 5 آلاف جنيه فقط عام 1970.
وفيما يتعلق بالوزراء كانت نسبة زيادة الراتب اقل فى المعدل من نسبة زيادة راتب رئيس الدولة، فالوزراء في عهد الرئيس عبد الناصر رواتبهم تراوحت ما بين 180 جنيهاً و300 جنيه، وفي عهد الرئيس السادات بلغ راتب الوزير الى 276 جنيها بجانب ما يطلق عليه اسم مصروفات سرية تصل الى 200 جنيه يحصل عليها الوزير شهرياً من مجلس الوزراء، وارتفع هذا المبلغ في بداية عهد الرئيس مبارك إلي 270 جنيهاً وقفز عام 1987 إلي 800 جنيه، وفي التسعينيات بلغت الف جنيه، ثم قفزت مع نهاية التسعينات الى ما بين 2000 و3000 جنيه كراتب أساسي بجانب حافز إثابة لا يقل عن 25% من الراتب وهذا الحافز يحدده شهرياً رئيس مجلس الوزراء، إضافة إلي بدل تمثيل يتراوح ما بين 300 و500% من الراتب الأساسي، اى بلغ متوسط راتب الوزير في مصر هو 10 آلاف جنيه، أما الآن، فلا يعلم أحد بدقة سوى الوزراء انفسهم ومجلس الدولة كم يبلغ راتب الوزير، والذى يتردد انه يبدأ من 33 الف جنيه الى ما فوق.
إن العمل الحقيقى للحكومة هو تسهيل أمور الناس وتسييرها، ووضع خطة أولويات عاجلة لمواجهة العديد من التحديات, ومن أبرزها الإرهاب والفساد، ودفع عجلة الاقتصاد الوطنى إلى الأمام، وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين حتى يتسنى تحقيق التقدم المنشود وإعادة مصر إلى وضعها الطبيعى مرة أخرى على المستويين الإقليمى والدولى.
وآن لهذه الحكومة أن تدرك هذه الأولويات والواجبات لأنه من العيب عليها أن تبقى تتفرج على مصادر إهدار المال العام دون حسيب أو رقيب.
فالذين استولوا على الأراضى وبنوا عليها الفيللات والقصور وربحوا منها الملايين والمليارات، والآخرون الذين اشتروا الأراضى بجنيهات قليلة لزراعتها، وفى غيبة الحكومة قاموا بتقسيمها وبيعها كأرض بناء ليتربحوا المليارات.
المضاربون على الدولارات، استطاعوا فى فترة وجيزة أن يتربحوا الملايين.
تجار السلع الغذائية الذين استغلوا أزمة الدولار وارتفاع سعره ليقوموا برفع أسعار السلع الغذائية ويتربحوا الملايين.
الأمور الاقتصادية ليست على ما يرام للأسف الشديد وأى انطباع آخر فهو لرفع المعنويات، لكنه ليس مبنيا على معطيات.
هذا ما يقوله الاقتصاديون، وهذا الكلام على خطورته ليس مفاجأة، فالبلد من يوم إلى يوم لا تقدم له الحكومة حلولا لمشاكله، أو أن يكون هناك فى الأفق ما يشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية قد تتحسن، والموضوع لم يعد مرتبطا فقط بارتفاع أسعار الدولار.
الغريب أن الوزير بمجرد تسميته وزيرا يصبح خطيبا مفوها، وهو يعلم أنه ليس بالخطب وحدها تتحقق الإنجازات.
لكن يبدو من تصريحات الوزراء الجدد أن موسم الخطب قد بدأ.
عموما يمكن القول إن بعض الوزراء يعيشون فى حالة تصريف أعمال وكأن الحكومة راحلة غدا. وهذا الانطباع يولد حالة من الجمود الحكومى ويخلق نوعا من عدم الإنتاجية خصوصا إذا كان الوزراء الذين لديهم هذا الشعور هم من وزراء الخدمات.
فالمطلوب هو أن يبقى الوزير فى وزارته على الأقل سنتين أو أن توجد فى كل وزارة خطة يقوم بالالتزام بها وتفعيلها أى وزير يجلس على كرسى الوزارة، ولا يحيد عن هذه الخطة سواء استمر أو تم تغييره.
فالخطط هى الأساس لأنها هى التقدم والتطوير وحل مشاكل الناس والثبات، أما الأشخاص فلهم أهواؤهم ومشاعرهم التى تتغير وتتبدل كل يوم.
نريد الخطط الطموحة لكل وزارة، والمعدة مسبقا والثابتة لكل من يأتى من الوزراء، حتى تكون هناك قفزة، لأن الخطة تحدد وتتنبأ بالتطور والنتائج المرجوة.
على المسئولين أن يتصرفوا وكأنهم فى ظرف استثنائى، لكن ما نراه أنهم يتصرفون وكأنهم فى ظروف طبيعية يستمتعون بالعطلات والإجازات، فهل هكذا يعطون المثال الحى لشعبهم رغم أن أمامهم رئيس الجمهورية الذى يضرب المثل فى العمل والجدية والإتقان ويجب أن يكونوا على نفس نهجه وقفزاته السريعة.
وأخيرا .. يبقى السؤال هل صارت مصر فأر تجارب لكل من هب ودب ؟!

تعليقات الفيس بوك

تعليقات الفيس بوك

عن ELkebar-admin

مجــلة الكبـــار .. مجــلة اقتصــادية شــهرية تعد ملتقى الخــبراء وقــادة الــرأي في المجــال الاقتصــادي , ونافــذة رجــال الأعمــال والمســتثمرين على المشــروعات الاقتصــادية التي تهدف إلى عــرض ومناقشــة القضــايا الاقتصــادية المصــرية والعربيــة والدوليــة بأســلوب موضــوعي وأمــانة صحفيــة وتقديــم الخدمــات الاســتثمارية والبنــكية والتجــارية لقطــاعات المجتمــع .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.